لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
shape
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
279657 مشاهدة print word pdf
line-top
مدة تعريف اللقطة

ويملكه إذا عرفه سنة كاملة.
وعن زيد بن خالد الجهني قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة؟ فقال: أعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها، وإلا فشأنك بها. قال: فضالة الغنم؟ قال: هي لك أو لأخيك أو للذئب، قال: فضالة الإبل؟ قال: مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها، ترد الماء، وتكل الشجر، حتى يلقاها ربها متفق عليه .


قوله: ( ويملكه إذا عرفه سنة كاملة ):
والتعريف يكون سنة إذا كان الشيء له قيمة، كمن وجد مثلا مائة ريال أو ألفا، أو وجد مثلا قطع ذهب، كأسورة مثلا، أو وجد متاعا له قيمة كقماش قيمته لا تقل عن مئة أو خمسين أو نحو ذلك، مما تتبعه همة أوساط الناس.
والناس ينقسمون على ثلاثة أقسام:
الأول: الفقراء والضعفاء: فهؤلاء قد يهمهم فقد الريال أو الخمسة، ويطلبونها.
الثاني: أوساط الناس: وهؤلاء يهتمون مثلا بالخمسين ولا يهتمون للعشرة.
الثالث: أكابر الناس: وهؤلاء لا يهمهم ولو سقط منهم ألف أو ألفان، فلا تضرهم، فنجعل الوسط هو العبرة، إذا كان الشيء مما تتبعه همة أوساط الناس؛ فإنه يعرف سنة، وبعد السنة يملكها.
قوله: (وعن زيد بن خالد الجهني قال: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن اللقطة ... الخ):
كأن اللقطة هنا هي النقود، وقد يدخل فيها الحلي وما أشبهه؛ وذلك لأنها هي التي تحتاج إلى عفاص، والعفاص هو: الخرقة التي تكون فيها، فعادة تكون في وعاء؛ في خرقة مثلا أو في جراب؛ فهذا يسمى عفاصها، أي: وعاؤها التي هي فيه.
والوكاء: الخيط الذي تربط به.
فيقول: أعرف ذلك، فاكتب أوصافها، أنها مثلا في خرقة قماش، أو في قطعة جلد، أو في جراب من أدم، أو في مثلا ما يسمى بالباغة، واكتب وكاءها، أنه خيط شعر مثلا أو مطاط أو ما أشبهه، واكتب عددها أنها مثلا ألف أو مئة،
واكتب أيضا فئتها أنها من فئة المائة أو من فئة الخمسين أو من فئة العشرة، فإذا كتبت ذلك فعرفها.
والتعريف يكون في الأسواق، وعند أبواب المساجد، ولا يجوز التعريف في المساجد، ويعرفها في المجتمعات وفي الحفلات، فتقول: من له مال؟ من له كذا وكذا؟ ولا تذكر أوصافها حتى لا يطمع فيها من ليس بصاحب لها، فإذا جاء صاحبها فلا بد أن يذكر أوصافها لك؛ فيقول: عفاصها لونه كذا، وعددها كذا وكذا، فإذا تطابق وصفه مع ما عندك فإنك تعرف أنه صاحبها، فحينئذ تسلمها له، فإذا لم تجده فإنها تدخل في ملكك بعد السنة لقوله صلى الله عليه وسلم: فشأنك بها ولكن اكتب أوصافها، فلو جاء بعد خمس سنين أو عشر، فإنه صاحبها وهو أحق بها وأملك لها.
وكثيرا ما يسأل بعضهم أنه وجدها وكتمها ولم يعرفها إلا بعد شهرين أو ثلاثة أشهر وذلك خطأ؛ لأن صاحبها إذا لم يسمع الخبر عنها في الأسبوع الأول أو في الأسبوعين ظن أن الذي أخذها سيجحدها؛ فيقطع الرجاء ولا يطلبها، فالأولى أن يعرفها في الأسبوع الأول كل يوم مرتين أو ثلاث مرات، وفي الشهر الأول يعرفها كل يوم، وفي الشهر الثاني كل يومين، وفي بقية الأشهر يعرفها كل أسبوع مرتين حتى تنتهي السنة، ويمكن في آخر السنة أن يقتصر على التعريف في الجمع وفي المجتمعات وما أشبه ذلك.
وأجرة المعرف تدفع منها، فإن عرفها هو ثم جاء صاحبها فيعطي المعرف منها أجرته.
ثم سأل عن ضالة الغنم، فقال صلى الله عليه وسلم: لك أو لأخيك أو للذئب يعني: لا تتركها، سيما إذا كانت في أرض مسبعة.
ومـن رعى غنما في أرض مسبعة ونام عنها تولى رعيها الأسد

فلا تتركها بل عليك أن تأخذها وتحفظها لصاحبها.
ولكن في هذه الأزمنة كأن السباع قلت؛ فيمكن أن تبقى الغنم يومين أو ثلاثة أيام لا يأتيها سبع، لكن معلوم أيضا أنها عرضة للموت من الظمأ- مثلا- فأخذها أولى.
أما ضالة الإبل فقال: مالك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها ربها سقاؤها: يعني بطنها، إذا شربت ملأت بطنها، فتمكث أسبوعا أو خمسة أيام لا تحتاج إلى الماء، وحذاؤها خفافها؛ مما يمكنها أن تقطع البراري وتمتنع من السباع.

line-bottom